كشخص أُرغم وأرغم نفسه على العمل في جماعات محاولاً أن يصل لفكرة أن يد واحدة لا تصفق، وأن عملنا معاً يأتي بأفكار أكثر وبالتالي نتائج أفضل، وفكرة الإختلاف وإكمالنا لبعضنا وما إلى ذلك.. لم أجد ما توقعت حين عملت في جماعات، بل في أغلب الأحيان شعرت أن هناك ثغرة وحين راجعت نفسي وما كان يجب أن استفيده وجدت اني لم أخرج بما توقعت أن أخرج به من أفكارٍ مبدعة وعمل شبه كامل، بل شعرت أن الأفكار المبدعة فيهم والغريبة تميل لأن تُحجب لمصلحة رأي الجماعة ولأن الوقت لا يكفي ليُقنع صاحب الفكرة كل فرد بها.

إن أمر العمل الجماعي هو _كالزمان والمكان وكل شئ في حياتنا_ أمر نسبي، وأنا لا أكرهه بشكل قاطع ولا أحبذه في كل الأوقات، فإن في بعض الأوقات أجد أن الناس تميل إلى إجبارنا _حتى كأطفال_ على الجلوس في جماعات والوصول إلى حل وسط أو فكرة ترضي الجميع، ولتصل مع العدد الذي تجلس معه إلى حل مُرضٍ في وقت قصير ستضطر رغماً عنك أن تُشكل أفكارك وشخصيتك حسب أفكار الأغلبية، لأن الفكرة المختلفة في هذه الحالة تحتاج إلى الكثير من الشرح والتفسير لكل فرد على حدة والرد على أسئلتهم.

ما أجده في العمل الجماعي أنه شئ جيد إذا كنت تريد بناء منزل، لكن في حالة تبادل الأفكار والوصول لحلول مرضية للجميع فإني لا أجد هذه الفكرة تحبذ الإختلاف ولا تعطي الفرصة كاملة للإنطوائيين أن ينشروا أفكارهم بل تجبر الكل أن يفكر بطريقة متشابهة ويصلوا لحل واحد.

إن من يحبذون الجلوس والتفكير وحدهم يجب أن تؤخذ أفكارهم في الإعتبار دون إجبارهم على العمل في جماعة لأن العمل في جماعة لبعض العقول يكون بمثابة ضوضاء وتشتيت لهم ولأفكارهم. لطالما سألت نفسي لما لا يعلمونا أن نفكر وحدنا بإستقلالية بدلاً من وضعنا مع الكثير من الناس للتفكير في شئ واحد معاً؟ لا أحاول أن اقلل من قيمة العمل الجماعي أو أن أنحاذ للفردي أكثر، ولكني أجد المجموعات التي تحتوي على 5 أو أكثر تكون مشتتة وتملؤها الأفكار السطحية لأن الأفراد ذاتهم لا وقت لديهم للتحدث بإستفاضة. أجد أنه في الأوقات التي يجب فيها العمل الجماعي الأفضل أن تكون المجموعة من ثلاثة أشخاص على الأكثر ليستطيع الإنطوائي والإجتماعي منهم التحدث بإستفاضة والإستفادة من وجهات النظر بشكل كامل ومعمق أكثر واستطاعة التناقش فيها والخروج أخيراً بشئ نتاج إختلاف الأفكار وليس إتفاقها.

بقلم: سلمى علي

تصوير: محمود منسي