هكذا يكون إحساسك تجاه معظم المدراء العرب حينما يـُخبروك أنهم قبلوا تعيينك موظف بالشركة، وكأنك لا تستحق العمل معهم ولكن كرم أخلاقهم كان الحائل دون رفضك!!

تدور الأيام عليكم وتعمل بجد من أجل إثبات العكس فتعلنها صراحةً أنك كنت تستحق وعن جدارة، فتقوم بأدوار ليست أدوارك وأعمال ليست مهامك وتنتظر المكافأة التي تستحقها بحق، حينها يختفي كرم الأخلاق وكأنه سراب أو وهم تعلقت به بسذاجة المبتدئين.

ثم تدور الأيام كرة أخرى أو كرتين أو ربما ثلاث، ويأتي يوم الترقية التي تنتظره منذ سنوات حتى يظهر كرم الأخلاق مرة أخرى لتشعر من جديد وكأنهم يمنون عليك..

تمكث فترة لا بأس بها داخل العمل حتى تظن أنك قد تفهمت تلك العقلية الفذة التي يتمتع بها مديرك فيبرق في عينيك الأمل في تحقيق رغباتة قبل أن يطلبها منك، فتتجه في ذلك الموقف يميناً ثم تخبره بذلك لتـُفاجأ أنه كان يرغبه يساراً، حينها يعتلي تلافيف عقلك تحدي فولاذي فتعاود المحاولة متجهاً تلك المرة جهة اليسار لتـُفاجأ أنه كان يريده يميناً ويبدو أن الموقفين كانوا متقاربين للدرجة التي تجعلك تفقد الأمل في معرفة كيف يفكر ذلك الرجل أو تلك المرأة، حتى ما يظهر عليك الحيرة فترى تلك النظرة التي تحفظها عن ظهر قلب نظرة “كرم الأخلاق” التي يتبعها نصيحة من أخ لأخيه، بأن لا ترهق ذهنك وأسألني عن رغباتي قبل البدء في العمل ثم ينوه أنه لولا كرم أخلاقه لأنزل عليك الجزاء والعقاب لأنك أهدرت وقتاً بلا داعي وكررت مهمة واحدة مرتين.

“وكأنهم يمنون عليك” هو درب أغلب المدراء العرب ولكي تستطيع أن تتفهم تلك الظاهرة يجب أن تعلم أنها تتطلب مهارة فائقة في القدرة على التلاعب بالقيم والمبادىء، فكرم الأخلاق تارة جزء أصيل من قيم العمل وتارة أخرى قيم إجتماعية لا دخل للعمل بها، ثم أن قدرتك كموظف على التنبأ برغبات المدراء هو من قبيل الذكاء الخارق تارة وتارة أخرى هو مضيعة للوقت فلا تضيع فرصك لإستشارة ذلك العبقري القابع خلف كرسي الحكم بل كرسي الأمر بل كرسي النهي بل جميعهم في آن واحد، فهو يتنقل بينهم بعبقريته تبعاً لمزاجه.

في النهاية عليك ألا تُرهق نفسك كموظف صغير في التنبأ بتلك المهارات لأنك حتماً حينما يتقدم بك العمر وتصبح مديراً ستجد نفسك موهوباً في تلك الأمور وستحتار حينها في أمرك هل ذلك بالفطرة أم بالوراثة؟!!

بقلم: أحمد رشاد

مراجعة: أمنية نجم

تصوير: محمود منسي