عندما نسمع لفظ تحرش، أول شئ يأتي على البال هو التحرش الجنسي والملامسة وما شابه.

بيئة العمل، في الوطن العربي مقارنه بالغرب، لا تحتوي على تحرش جنسي واضح، لكن يتميز عالمنا العربي بالتلميحات والاقتراحات والإيحاءات الجنسية الوقحة!!

 مثال:-  عندما يأتي مديرك ويقول “الفساتين عليكي أحلى”، قانونياً هو لم يتحرش جسدياً بك، بل أساء إليك وهو يعلم جيداً أن لا قانون يحمي من التحرش اللفظي، أو بمعنى أصح لا يعترف بالتحرش اللفظي في البلاد العربية عامة، ومصر خاصة!!

نسائنا في الشوارع تتعرض له بصفة شبة يومية وما من رادع،

فهل من أمل أن تكون بيئة العمل أأمن للنساء والرجال على حد سواء؟!

الرجال أيضاً يتعرضون للتحرش اللفظي، ليس بنسبة عالية كالنساء، لكن أكاد أجزم أن زميلتك أو مديرتك في يوم ما قالت لك، “شكلك من غير شنب\دقن أحلى” وإذ بها بدون أي وجه حق تضع يدها على ذراعك!!

شئ وارد الحدوث، أغلبية الرجال لا يتذمرون من ذلك أبداً، لكن قانوناً فتلك التي أطرت عليك تجاوزت حدودك الشخصية وتحرشت بك لفظياً،

لكن لا قانون يحميك أيضاً..

أما عن التحرش الجنسي الصريح، فحدث ولا حرج، فهو موجود ومنتشر ومتوغل بشكل تقشعر له الأبدان، بداية من الملامسة، للمطالبة بعلاقة كاملة، تحت تهديد وظيفي…

وللتحرش أنواع أخرى، مثل الاضطهاد، حسب المحرك جوجل فإن الاضطهاد في العمل يأتي في المرتبة الرابعة بعد الاضطهاد الديني في مصر، والاضطهاد في المسيحية والاضطهاد في بورما.

أما الاضطهاد الوظيفي لا يقل قيمة عن العنف الأسري إن لم يكن مرتبط  بشكل أو بآخر بالمشاكل الأسرية.

ما يتعرض له الموظف عادة، من رؤسائه في العمل، من اضطهاد ما هي إلا حرب نفسية، خاصة على صغار الموظفين، فهم لا يستطيعون إلا الإذعان لأوامر مرؤسيهم، وأغلبية هذه الأوامر تكون في غير مصلحة العمل، ولكن لا فرار من تنفيذها.

وينتهي الأمر بأن الموظف هو من يتحمل نتيجة القرار الخاطئ ويتعرض للتوبيخ والاضطهاد بكل أشكاله، إذا حاول الاعتراض!!

يعاني العديد من الموظفين في بلادنا مشاكل نفسية حادة بسبب سلوكيات رؤسائهم وتكون نتيجة الإضطهاد تكتل الموظفين مع بعضهم البعض والسعي لتشكيل تكتل خفي يسعون به لإمتلاك زمام الأمور في المؤسسة ليقوموا هم بدورهم لإضطهاد مضطهديهم السابقين ومن يدور في فلكهم،

فتتحول المسألة من اضطهاد لاضطهاد مضاد وأعنف…

وما هو أسوء من اضطهاد المديرين للموظفين، هو تنمر الموظفين على بعضهم البعض.

يسئ بعض الموظفين معاملة زميل لهم لأسباب عدة، أغربهم أنه يعمل بجد، وهم لا يريدون ذلك، لأن إنتاجه للعمل سيكون أفضل من انتاجهم!!

كيف لتلك البيئة أن تساعد لوجود انتاج، أو أن يعطي الموظف أحسن وأقوى ما لديه؟!!

وهو لا يرى غير سوء معاملة وحرب نفسية عليه من مرؤسيه وبعض من زملاؤه.

تلك البيئة التي تحتوي على مديرين غير مؤهلين للإدارة، لا يشغل بالهم شيئاً سوى فرض السلطة والقوة على من هم أقل منهم في الترتيب الوظيفي، ليس إلا.

 لا أحد يهتم بمصلحة العمل والانتاج!!

لتحسين بيئة العمل، في الوطن العربي عامة، وفي مصر خاصة، يجب أن يمر المديرين بكافة الاختبارات والتقويم النفسي المطلوب، لكي يستطيع أن يدير موظفيه بدون إيذائهم نفسياً بأي شكل من الأشكال.

يجب أيضاً توفير دورات تدريبية مكثفة لكيفية الإدارة بطريقة علمية ونفسية سليمة، وهذا ليس بالأمل البعيد فهو يحدث بالفعل في بعض الشركات بالشرق الأوسط.

عفواً، تذكرت نكتة سخيفة لعالم يعيش على المنطق الصوري “جلس عالم إنمام ذبابة وقال لها طيري فطارت  قطع لها جناحيها وقال لها طيري فلم تستطع فكتب العالم في النتيجة النهائية لتجربته: صفر”’ ثبت بالتجربة والبحث العلمي أن الذبابة عندما تقطع جناحيها تفقد حاسة السمع هذا جانباً من تجارب أهل الاضطهاد وسلوكهم، الذبابة قبل قطع أجنحتها سمعت الكلام ونفذت الأمر بالطيران لكن عندما لم تستطع الطيران بعد قطع جناحيها لم تستطع تنفيذ الأمر الموجه إليها، فحكم العالم عليها بأنها لا تسمع الكلام بعد قطع جناحيها يعني الذبابة التي تقطع جناحيها تفقد حاسة السمع!

فالمدير المضْطَهِدْ وظيفياً لا يستطيع تقييم سلوكه، يظن أنه إمام عادل…

بقلم: عبير يس

مراجعة: أمنية نجم