في رأيي، الموارد البشرية في أي شركةٍ مثل المهندس، فهم مسؤولون عن أي دراسةٍ ضروريةٍ لخلفية المشروع، من الإحصائيات لمنطقةٍ حول مبنى إلي نوعِ التربةِ في جزئٍ من أرضٍ لعملية الزراعة. أفراد الموارد البشرية يضعون الخطة بأكملها ليأتوا بأفضل منتجٍ أو نتيجةٍ، وليفعلوا ذلك لابد من أن تُبنى علي دراسة مركزةٍ لنفسية الموظفين. ليس فقط أنهم يجب أن يضعوا كل شخص في المكان الذي سيكون فيه أكثر إنتاجية، ولكن يجب عليهم أيضاً أن يعرفوا كيف يحفزوا موظفيهم

الكثير من أفراد الموارد البشرية يفترضون أن أفضل تحفيز لموظفٍ هو أن تعطيهم نقود أكثر أو تهديدهم بإستخدامها. فهم يظنون أن النقود هي كل شئ للموظف. ومن ناحيةٍ أخرى نحن نمتلك مجموعة من أفراد الموارد البشرية ممن يعتقدون أن الخطابات القوية المليئة بالمشاعر والكلمات المقتبسة عن العمل الجاد هي المفتاح، ولكن هذه ليست ألاعيباً سياسية. لو أن التحفيز كالبطارية للإنسان، فيجب أن يحتوي علي عمودين – الايجابي والسلبي –  وأنا أعتبر الطريقتين المذكورتين هما فقط تحفيزات سلبية لن يصلوا بنا إلى حيثما نريد. لو فكرنا بطريقة منطقية، الخطابات العاطفية لن تصل للموظفين العرب كما إعتادوا من قبل. لابد من أن نواجه أنفسنا بحقيقةِ أن العرب قد تغيرت مشاعرهم في السنوات الماضية، وأن المال ليس كل شئ. العاملون ممن ينتظرون النقود سيفقدون أرواحهم بعد ما يتلقونها بقليل، لأن الحافز هنا واقعيٌ أكثر من اللازم. في البحث عن نقطة تقاطع، يجب أن ننتبه إلى أن التحفيز نسبيٌ بالنسبة لكل شخصِ إلى الأخر. ما تريد أن تصل اليه هو “الحب”. في رأيي الحب هو أهم شئ; لكي تحب عملك وشركتك ليس من أجل النقود، لكن من أجل الشركة وسمعتها. هذا سيجعلك تعمل بجديةٍ كما سيجعلك أيضاً تتحمل الإنتظار إذا ما تأخر مرتبك شهراً أو إثنين. نستطيع أن نصل إلى “الحب” من خلال نوع التحفيز المناسب، النقود والخطابات المجيدة ليست إلا أجزاءً صغيرةً من التحفيز وليس كله

النسبية هي أساس التحفيز الحديث، ولكن كيفية تطبيقها ما يتطلب بعض التفكير. يجب أن تعتني أكثر بالتحفيز الجوهري. من وجهة نظري، في مصر والبلاد العربية الأخرى، الطريقة المطلقة لتحفيز الناس في أماكن عملهم هي أن نجعلهم يعتقدون أنهم مميزون ومهمون. ويجب أيضاً أن يشعروا بالراحة في مكان عملهم ومع زملائهم في العمل. الثقة أساسيةٌ أيضاً، إذا ما تم منحهم الحرية للتعبير عما يشعرون، فسوف يقدِّروا هذا بشده. إذا جعلت العمل هو العالَم الموازي للموظف بإستخدام الموارد المتاحة وخلق بيئة عمل صحية، هو/هي سيبقَون في العمل لمدة أطول تدريجياً وسيصبح العمل هو مهربهم من الحياة. “التقدير قبل النقد” منهجٌ فعالٌ جداً سيشجع الموظفين وسيريهم نِتاج عملهم لكي يشعروا أنهم فعلا يساهمون. يجعلهم يشعرون أن الشركة تقدم الدعم حتي في الأمور الشخصية

إجعلهم أوفياء للمكان؛ حقق التوازن بين التحفيز المادي والأخلاقي. التحفيز شئ ضروري كالوقود للسيارات، لكن كل سيارة ينبغي أن يتم تزويدها بنوع الوقود والكمية المناسبة لكي تعطي أفضل أداء. لا تستخدم العمود السلبي للتحفيز، لكن اجعل “الحب، الولاء والإحترام” هو حافزهم. الكثير من النظريات تتكلم عن التحفيز لا نستطيع أن نقر أن أحدها خاطئة والأخرى صحيحة. إنما ما يجب فعله هو أن نبحث عن أكثر نظرية مناسبة وفقاً للظروف المحيطة

أشعر بالأسى عند رؤية الموارد البشرية في الكثير من الشركات تعمل علي الرواتب والتقييمات الضعيفة،  ويعملون لصالح المؤسسة بدلاً من أن يعملوا لأجل إسم الشركة. وكما قلت في بداية مقالتي، أفراد الموارد البشرية كالمهندسين. وليس هذا فقط، فهم أيضاً كالأطباء، فهم يشَخِّصون ويبحثون عن المشاكل ويحددون أساسها، ويعثرون في النهاية علي الحلول، ويرسمون خطة ليعملوا عليها. أفراد الموارد البشرية يجب ألا يكونوا أناساً ممن لا يثق بهم الموظفون. الموارد البشرية يجب أن يحدث بها ثورة

بقلم: أسامة إبراهيم

ترجمة: سلمى طايل

مراجعة: مازن أحمد قباري

تصوير: محمود منسي